وكالة كليوباترا للأنباء
وكأن كتب علي وطنا العربي أن يقع في أخطر بقعة علي وجة الارض , حروب بالوكالة لا تنتهي , نزاعات مستمرة , شلالات دماء تجري, حتى لو حدث سلام يكون سلاما هشا . لم تهدأ حرب غزة حتي تذهب الي لبنان ونشاهد نفس المشهد ويدفع لبنان ثمن وحدة الساحات ـــ وهو اختراع ايراني ـــ ويترك وحيدا , حتي تأتي المصيبة الكبرى الا وهي حرب سوريا وتسقط حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا وثاني أكبر مدنها ويسقط ماتبقى من ادلب لتصل الهجمة البربرية الي اطراف حمص .
في بدايات الاستعمار الفرنسي وبعد سلخ سوريا عن لبنان أراد الاستعمار الفرنسي تقسم سوريا الكبرى الي دويلات , دمشق , حلب , اللازقية للعلويين ,السويداء للدروز قسمة علي اساس طائفـي عرقـي مذهبـي , رحل الاستعمار لتتكرس هذة القسمة في أذهان أبناء سوريا ليأتوا اليوم ويقوموا بتقسيم سوريا بأنفسهم بتحريض دولي وعربي في بعض الاحيان .
الحقيقة أن سوريا الان مقسمة على النحو التالي حتى لحظة ما قبل الأحداث الأخيرة :
شمال شرق سوريا 25% من مساحة سوريا بيد الاكراد الذين كان اقصى امانيهم حكم ذاتي في مناطقهم والاعتراف بلغتهم لكن النظام السوري رفض .
ادلب شمال شرق سوريا وهي مكمن النار والارهاب الأسود وتسيطر عليها المليشيات هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا ) وبعض الجماعات الاخوانية حراس الدين وتمثل 10% من مساحة سوريا .
وماتبقى 65 % من مساحة سوريا تحت حكم الرئيس بشار الأسد الذي تسبب في تفجير الثورة .
أما لو تحدثنا عن النفوذ الدولي في سوريا الان فحدث ولاحرج , نبدأ بالنفوذ الايراني في سوريا وصولا الي لبنان وعلى الحدود العراقية السورية لضمان وصول ايران عبر العراق مرورا بسوريا ثم الي لبنان حيث حزب الله والطائفة الشيعية ..النفوذ الروسي القوي في اللازقية وطرطوس وأتى بطلب رسمي من النظام السوري ...وننتهي بالنفوذ الامريكي المتواجد شرق الفرات حيث أهم حقول النفط السورية حيث تتواجد قوات سوريا الديمقراطية " قسد الاكراد "
كل هذة القوى متواجدة علي الاراضي السورية ومثبته بموجب اتفاق استانا حيث اجتمع ممثلي الحكومة السورية وقوى المعارضة بضمان روسي تركي ايراني عام 1917 بناء علي القرار الدولي لمجلس الامن 2254 لخفض التصعيد والتسوية السياسية لكن النظام السوري لم يستغل الفرصة لحل المشكلة السورية .هذة الاتفاقية أعطت الرئيس السوري نوعا من الطمأنينة والسكون ولم يكن يدري بما يدور ولم يستطع قراءة المشهد الحالي بواقعية وتغير كل شيء . واصبحت ايران اليوم ليست ايران الأمس بعد الضربات الاسرائيلية عليها وعلى مناطق نفوزها في سوريا لم تعد السند المدافع عن النظام السوري لاعتبارات مذهبية ورد الدين لسوريا ... روسيا التي أتت بثقلها الي سوريا حتى تحصل علي موطيء قدم في المياة الدافئة في المتوسط الان في مكان أخر ــ حرب اوكرانيا ـــ ولم تستطع ان تساعد النظام السوري بنفس زخم الماضي ...حزب الله انسحب من سوريا تاركا قواعدة هناك بعد تعرضه لضربات قاسية من اسرائيل افقدته الكثير من قوته عدة وعتاد .
على الجانب الأخر كانت الفصائل الارهابية تتدرب وتتسلح في انتظار اللحظة المناسبة وما انتهت الحرب في لبنان وتأكدت من ضعف حزب الله وايران وانشغال روسيا باوكرانيا والغرب حتى بدأت الهجوم المفاجيء في لحظة تهاون واطمئنان الرئيس السوري لتندفع بقوة وتسيطر على حلب وماتبقى من ادلب وبدأت تتجة الي حماة .
الغريب والملفت هو طريقة انسحاب الجيش السوري لدرجة الهروب وبدون أي مقاومة تذكر , وتركوا الاسلحة والدبابات المدرعة والطائرات في اماكنها لتحصل الفصائل الارهابية على عتاد يفوق ما معهم من عتاد .
مشاهد انسحاب الجيش السوري وهروب افراده يدعو للدهشة والاسف والتساؤل فيما أبعد وأكبر من مؤامرة . الغريب في هذة الاحداث يظهر لنا ان الروس والاتراك وربما النظام السوري اتفقوا على رأي واحد وهو اخراج ايران من المشهد السوري تهائيا وهو نفس ماتريدة اسرائيل وامريكا والغرب فهناك توافق دولي علي انهاء الدور الايراني في المنطقة وعودة ايران دولة طبيعية داخل حدودها .
تهاون الرئيس السوري لم يهتم للرسائل التي وصلته من تركيا ودعوة اردوغان للحوار معه وايجاد حل سياسي لكل المسائل العالقة بينهم , بل أعتمد على اصدقائة الذين تغيرت ظروفهم .
كان على الرئيس السوري ان يضع مخرجات استانا موضع القراءة الحقيقية , كان عليه ان يدعوا للمصالحة الحقيقية ويستمع لمطالب المعارضة ويحاورها وينفتح على الداخل السوري باصدار عفو عام غير مشروط لكل مكونات الشعب السوري . كان عليه ان يسمح بعودة كل النازحين دون قيد أو شرط حفاظا علي سوريا وحقنا للدماء وحماية النظام نفسه وقطع الطريق على أي تفهمات دولية تتجاهل النظام السوري الشرعي حفاظا علي سوريا الموحدة التي لا يريد أحد أن يراها مقسمة , لم يفت الأوان بعد ولابد من قراءة المشهد بواقعية لأن البديل هو السيناريو الأسوأ وهو سوريا المقسمة الذي لا يتمناه أحد ..
بقلم رانـدا جميل ...؛