وكالة كليوباترا للأنباء
استفزني كثيرا قرار الكنيست الاسرائيلي الأخير ألا وهو رفض اقامة دولة فلسطينيىة للمرة الاولى في تاريخ الكنيست , بتأييد68 عضو منهم زعيم حزب الوحدة " بيني غانتس " ومعاضة 9 نواب فقط .
هذا القرار غير شرعي لأنه يأتي من طرف محتل يمارس التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني , يظهر مدى ما وصلت اليه اسرائيل والمجتمع الاسرائيلي من تطرف ــ وقد ظهر ذلك جليا في الجرائم الرهيبة في الحرب الدائرة علي قطاع غزة الأن ــ نتيجة التصويت تبين اتفاق جميع الاحزاب الصهيونية ضد قيام دولة فلسطينية مستقلة .
هذا القرار يحمل في باطنه رسائل واضحة للعالم و للقيادة الفلسطينية .
رسالة القرار للقيادة الفلسطينية , انتهاء وهم حل الدولتين أو أي حل سلمي , وتعزيز فكرة أن حق الشعب االفلسطيني لن ينتزع بالتفاوض بل بالنضال والمقاومة بكل أشكالها .
رسالة القرار للعالم أن اسرائيل لا تهتم بمواقف المجتمع الدولي , لا يهمها الادانات ولا الاستنكارات , وعلي العالم أن يعي ماقاله "سمتريتش " وزير المالية الاسرائيلي أن اعتراف أي دولة بفلسطين سيقابلة بناء مستوطنة جديدة ...أمام هذا التطورالكبير أصبح العالم مطالب بفرض عقوبات علي اسرائيل ودعم المقاومة الفلسطينية اذا كان يريد تنفيذ قرارات الأمم المتحدة .
الموقف الامريكي من القرار كان قمة الاستخفاف والاستهتار ويكشف التغطية الامريكية له , فاعلان امريكا بعدم سرورها بالقرار يعتبر استهتار تام وتواطؤ واضح مع اسرائيل , وعلي المجتمع الدولي لايدرس قرار الكنيست فقط بل يدرس الموقف الامريكي نفسه .
قرار الكنيست الأخير وما أعلن في 18/ 7/ 2024 الذي يعطي نتنياهو تفويض لنسف أي امكانية لقيام دولة فلسطينية , يعبر بقوة عن عقيدة صهيونية راسخة في العقل اليهودي اليميني المتطرف . وأن الحديث عن دولة واحدة باديان مختلفة وشعوب مختلفة أصبح غير واقعي من قبل قانون الدولة اليهودية الذي اقر في يوليو 2018, الذي يعرف اسرائيل أنها دولة قوميـة للشعب اليهــودي, وأن حق تقرير المصير للشعب اليهودي فقط , أما غيرهم فهم مقيمين من الدرجة الثانيـة ليس لهم أى حقـوق . ويبين أن هناك رفض تام لكل التسويات التي تقوم بها امريكا والاتحاد الاوربي والعالم لاقامة دولة فلسطينية حتى لو منزوعة السلاح .
المطلوب من القيادة الفلسطينية الأن التحلل من كل الاتفاقات المبرمة مع اسرائيل ووقف كل اشكال التنسيق الأمني ــ اوسلو ــ وتشكيل حكومة فلسطينية موحدة تعمل علي برنامج نضالي موحد لتحرير الارض المحتلة , وتعلم انه لايوجد حل وسط يمكن الوصول اليه مع اسرائيل , بالأحرى لا يوجد معسكر للسلام في اسرائيل .
تكون اسرائيل واهمة اذا اعتقدت أنها برفضها حل الدولتين قد نزعت كل الخيارات من الشعب الفلسطيني , فقد نسيت اسرائيل أن وجود مايقارب من 14 مليون فلسطيني داخل وخارج الاراضي المحتلة سوف يشكل انقلاب ديمغرافـي يقلب كل ماتخطط له اسرائيل الدينية ودعـاة الضـم , وسوف يشكل معادلة سكانية دينية تظهر حقائق جديدة علي الارض لعل أهمها حركات الكفاح المسلح الذي ظهرت بوضوح في حركة منظمات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وفي الضفة وفي الخارج , مما حمل اسرائيل مالا تتحمله , وأصبح واقع جديد ظهر حقائقه مثلما ظهر في فيتنام والجزائر .اذن لا حل الا بالدولتين , دولة فلسطينية بجوار اسرائيل , ذات حدود أمنة ومعترف بها , دولة ذات سيادة كاملة غير منقوصة والقدس الشرقية عاصمتها .
ولا يمكن إنهاء الصراع مع الشعب الفلسطيني بدون حل عادل لقضية اللاجئين على قاعدة القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ...هذا هو السبيل الوحيد لانهاء الصراع بحل الدولتين ...بقلم رانــدا جميل ...،