وكالة كليوباترا للأنباء
لم ينعم بفترات من الحكم المدني الا سنوات قليلة تعد علي اصابع اليد , ارض الذهب والماء بموقعة الجغرافي المتميز , لايلتئم جراحه ما ان يخرج من ازمة حتي يدخل في ازمة اخرى .
السودان منذ استقلاله عام 1956 وهو يعيش أزمات وكوارث عديدة متعددة ,انقلاب تلو انقلاب وانقلاب من داخل الانقلاب .. منذ الانقلاب الاول بقيادة ابراهيم عبود وانتهاءا بانقلاب البرهان وحمدتي , وكأن مايحدث الان هو أخر ماينقص السودان من مأسي. اذدواجة الحكم في عالمنا العربي دائما تنتهي بمقتل احد الطرفين (في مصر جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر ــ الجزائر احمد بن بلا وهواري بوميدين ـــ العراق عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف ــ اليمن تحالف الحوثي وعبد الله صالح وهكذا ....)
في العرف السياسي لا صديق دائم ولا عدو الي الابد وها هي صداقة عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع حمدتي مالها ان تدوم أوتصمد وسط تضارب المصالح , فبعد صداقة عشرون عام وصلت الخلافات بين الاثنيين الي صدام مسلح وحرب شوارع في الخرطوم ومدينة مروى وكردفان و دارفور . تصاعد الخلاف المكتوم بين الرجلين حتي وصل الي السطح في أخر العشرة الأيام الاخيرة حتي برز الي العلن , وبدأ الصراع يظهر للعالم بعد ان كان مخفي .
الفريق البرهان كان تفكيره منصب علي استعجال تشكيل مجلس أعلي للقوات المسلحة قبل تشكيل الحكومة المدنية بهدف تقليص نفوذ محمد حمدان دقلو ( حمدتي ) الذي كان يستخدم منصبه السياسي والدستوري في تحركاته الداخلية والداخلية بصفته الرجل التاني في السودان ,مما دفع البرهان الي اتخاذ عدة اجراءات بحق حميدتي منها سحب ملف السلام من حميدتي ليتولاه البرهان نفسه , وقف التقارير الامنية والدبلوماسية , اختيار شمس الدين الكباشي بالتوقيع عن الحكومة بدلا من حميدتي الذي وقع النسخة الاولي في اكنوبر 2020.
اراد حميدني اطالة الفترة الانتقالية لمدة 10 سنوات ليحافظ علي موقعه وهذا ما رفضه البرهان الذي رأى ان الفترة الانتقالية لا يجب ان تتعدى الـ 3 سنوات .
منح البشير حميدتي الكثير من الامتيازات واعطاه صفة شرعية وقربه منه حتي تعدت قواته الان 100 الف جندي ( قوات الدعم السريع ) .وسيطر علي مناجم الدهب في جبل عامر وكردفان ويمتلك سيارات دفع رباعي تحمل اسلحة متنوعة ومدافع تتميز بسرعة الحركة وممارسة حرب العصابات , كل هذا اعطاه قوة .
البرهان وهو الطرف التاني تولى رئاسة المجلس العسكري الانتقالي خلفا لوزر الدفاع خلف بن عوف الذي استقال بعد يوم واحد من منصبه بعد ما عزل البشير وولي البرهان مكانه .
ما يحدث الان في من حرب شوارع في السودان ماكان يخطر علي بال أي سوداني باستثناء حميدتي والبرهان فكل منهمأ اعد العدة للاخر لانه يعرف أن ساعة حسم الصراع بينهما أتيه . ,
ازمة السودان الحالية لن تكن أخر أزماته ,فأزمات السودان كثيرة متعددة , ابرزها ازمة اقليم دارفور برغم توقيع اتفاق سلام الا ان الاقليم مضطرب منذ اندلاع الازمة ـــ ازمة شرق السودان مازالت بدون حل وسط احتجاجات شعبية في المنطقة في المنطقة الاسيراتيجية التي تقع علي البحر الاحمر وتضم اهم ميناء في البلاد وهو ميناء بور سودان ـــ عدم محاكمة رموز النظام السابق خاصة البشير فمنذ الاطاحة به في ابريل 2019 مازال القضاء السوداني لم يفصل في كثير من التهم الموجه اليه ـــ الازمة الاقتصادية التي تفتك بالشعب السوداني فارقام التضخم والبطالة مرعبة وثلث الشعب السوداني يصارع الفقر في ابشع صوره , في بلد زراعي في المقام الأول , بلد تبلغ الرقعة الزراعية فيه 200 مليون فدان قابلة للزراعة و120 مليون فدان مراعي خضراء و52 مليون مساحة الغابات .
يملك السودان ثروه حيوانية كبيرة تعادل 4 اضعاف ما تملكه هولندا , ومع ذلك لا تسهم في الناتج القومي الا بشيء هزيل , يمتلك السودان من الذهب 105 مليون طن وهو ثالث منتج للذهب في افريقيا بعد غانا وجنوب افريقيا , الثروة المائية ضخمة جدا امطار مائية تقدر بـ 440 مليار متر مكعب غير المياه الجوفية ومياه الانهار , لو استغل السودان كل امكانياته وقدراته وقدرة شعبه لاصبح في مكان أخر ..
داخليا ومنذ الاستقلال والسودان يعاني من داء الانقلابات وتصارع القادة علي المناصب والثروة , فهو يدار دائما ويحكم بالايدولوجية وعشوائية التخطيط وليس بأسس الدولة المدنية الحديثة .وخارجيا التدخل الخارجي في السودان واضح للعيان التنافس الامريكي الصيني في السودان واضح , روسيا تدعم حميدتي عن طريق مجموعة فاغنر العسكرية , الاتحاد الاوروبي لكي يمنع الهجرة الغير شرعية يعتمد علي حميدتي , للأمارات والسعودية في السودان مصالح ضخمة , مصر علاقتها بالسودان متفردة وتعتبرحدوده أمن قومي لها مصالح مشتركة في مياة النيل وامتداد طبيعي بين البلدين... الكل يبحث عن مصالحه والشعب السوداني يدفع الثمن .
اللجوء للعنف كما يدار الان واغتصاب السلطة بالعنف لايقدم حلول , فقط يخلق مشاكل واغتصاب , استخدام القوة في السودان لن يحل مشاكله بل يؤدي الي التصارع بالانفجارالذي ينتهي بتفتيت ما تبقى منه .
قد يخرج السودان من هذة الازمة بشكل او بأخر عن طريق غالب ومغلوب أو هدنة نتيجة ضغط شعبي أو ضغط دولي , لكنه خروج مؤقت تضل النار تحت الرماد حتى يأتي للسودان سوار أخر من الذهب يستطيع ان يفرق بين ادارة الدولة الحديثة وما يتطلب ذلك من أدوات عصرية بعيدة عن العنف واقصاء الأخر , وحتي يصبح الدواء والاقلام أكثر من الصواريخ والرصاص ...بقلم رانـدا جميل ...؛