وكالة كليوباترا للأنباء
دعا "الاتحاد العام لطلبة تونس" إلى إضراب عام اليوم الجمعة في كافة الجامعات التونسسية، احتجاجا على ما وصفه بـ "الاعتداءات الفظيعة" التي قال بأن "أجهزة الأمن ارتكبتها بحق طلبة الحقوق يوم الثلاثاء الماضي بساحة القصبة بسبب تعنت الحكومة ورفضها المتواصل للحوار وإشراك الطلبة في كل ما يخص الجامعة وإصلاح التعليم".
ودعت المنظمة الطلابية في بيان لها أمس الخميس إلى مسيرة وطنية بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة اليوم الجمعة للمطالبة بإلغاء الأمر 345 وتشريك الطلبة في إصلاح حقيقي شامل للتعليم العالي.
يذكر أن الأمر عدد 345 لسنة 2017 المتعلق بتنظيم المعهد الاعلى للقضاء وضبط نظام الدراسات تضمن شرط الحصول على شهادة الوطنية للماجستير في الحقوق او العلوم القانونية او شهادة معادلة لها للالتحاق بالمعهد، إلا أن وزير العدل غازي الجريبي، كان أكد أول أمس الأربعاء أن الطلبة المرسمين حاليا بكليات الحقوق والطلبة الحائزين على الاجازة او الاستاذية والذين تخرجوا سابقا من كليات الحقوق، غير معنيين بالشرط ولا يشملهم حتى وان رسبوا في دراستهم.
وأضاف الجريبي في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، أن هذا الشرط سينطبق على الطلبة الجدد الذين سيرسمون لاول مرة بالسنة الاولى حقوق وذلك بداية من السنة الجامعية 2017 -2018.
وتأتي احتجاجات طلبة الحقوق في ظل استمرار الأزمة بين نقابة التعليم الثانوي ووزير التعليم ناجي جلول، لجهة استمرار النقابيين في المطالبة باستقالته ورفض الحكومة لذلك.
وإلى جانب قطاع التعليم تشهد العديد من محافظات تونس تصاعدا متزايدا في مظاهر الاحتجاج ضد سياسات الحكومة الاقتصادية، حيث تعيش محافظة "الكاف" (الشمال الغربي، وتبعد 175 كلم عن العاصمة تونس) منذ عدة أيام على وقع اعتصام عمال معمل صناعة "الكابل" بالكاف وسط حالة من الاحتقان تعيشها المدينة منذ غلق هذه المؤسسة التي تشغل 443 عاملا.
وقد أعلنت المنظمات الوطنية بالجهة إضرابا عاما بمحافظة "الكاف" يوم 20 نيسان (إبريل) الجاري احتجاجا على ما وصفته بتواصل سياسة التهميش وعدم إيجاد حلول لمشكلة المؤسسات الصناعية بالكاف ومقاومة البطالة.
وفي محافظة "القصرين" (الوسط الغربي، تبعد 270 كلم عن العاصمة تونس)، هدّد إطارات وعمال الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق، بالإضراب العام وبالعصيان المدني إذا لم تستجب الدولة لمطالبهم المتعلقة إنقاذ مؤسستهم.
وفي الجنوب الشرقي تعيش محافظة "تطاوين" القريبة من الحدود مع ليبيا احتجاجات اجتماعية متواصلة ضد ما يسمونه بـ "سياسة التهميش والحقرة" التي تعانيها منطقتهم منذ عدة عقود.
وقد أحدثت هذه الاحتجاجات حالة من القلق المتزايد لدى النخب السياسية التونسية، الذين يكابدون ويلات التغثر التنموي والاقتصادي والأمني منذ الإطاحة بحكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في مطلع العام 2011، في مفتتح ما عُرف بـ "ثورات الربيع العربي".
وقد حذّر الكاتب والباحث التونسي الطيب الجوادي في تعريدة كتبها على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" من أن تونس على أعتاب خطر حقيقي، ودعا التونسيين إلى التصرف بحكمة وهدوء وتروّ، وقراءة العواقب جيدا.
وقال: "الدولة على وشك الانهيار لانها لا تجد الموارد الضرورية للتنمية، وبعض الجهات تدفع إلى ما يعتقدونه ثورة ثانية تصحيحية، في حين ان التاريخ علمنا أن للثورة قوانين وآليات ومواقيت، ولم يحصل في التاريخ أن حصلت ثورة ثانية في مدى زمني متقارب، لذلك، ما يمكن ان يحصل لن يكون غير الحرب الأهلية او الحكم العسكري، ووقتها سيندم الجميع لا قدر الله".
وأضاف: "تونس في خطر حقيقي، وهي تعيش أصعب لحظة في تاريخها على الاطلاق، فلا تندفعوا وراء الفوضى، وامنحوا الدولة فرصة أن تعبر بنا إلى مرساة النجاة، رغم كل الهنات والأخطاء، لأن دولة ضعيفة خير من الفوضى"، على حد تعبيره.
أما رئيس "مركز الإسلام والديمقراطية" الدكتور رضوان مصمودي، فقد أكد في تغريدة له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي أنه "لا يشكّ أحد أنّ الشعب التونسي قادر أن يقوم بثورة أخرى، و لكن الإنتخابات أفضل بكثير"، كما قال.
من جهته أكد عضو المكتب السياسي لحركة "النهضة" محمد القوماني في تدوينة له اليوم الجمعة على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، أن "الحكومة والأحزاب المشاركة فيها والمسؤولون في السلطة والمساندون لها، مدعوّون في المقام الأول إلى مصارحة الشعب بحقيقة قدرات الدولة وباعتماد سياسات في الشفافية ومحاربة الفساد وسيادة القانون والتكافؤ في الفرص بما يكسبها المصداقية ويمنحها ثقة الأغلبية، وبردّ بعض أموال الأغنياء على الفقراء، من خلال سياسة جبائية عادلة تكرس التكافل الاجتماعي، إذ ما جاع فقير في الأغلب إلا بسبب استغلال غنيّ لجهده أو استثرائه على حسابه".
وأضاف: "هم مدعوٌون بعد ذلك إلى مراجعة خيارات وسياسات تبيّنت حدودها وسلبياتها، مثل تشجيع المستثمرين بامتيازات على حساب المالية العمومية دون جدوى، وأن يعملوا على تتحمل الدولة مجددا مسؤولياتها في قيادة قاطرة التنمية بالجهات الداخلية خاصة، وأن تفعّل الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، باعتماد مشاريع تنموية واقعية تستفيد من خصائص الجهات وتلبي حاجياتها في التشغيل وتحسّن مستوى عيش أهلها. وأن تجري الدولة الإصلاحات اللازمة والموجعة لإنقاذ المؤسسات العمومية بدل التفريط فيها. وأن نجعل الاقتصادي والاجتماعي أولوية المرحلة المقبلة"، على حد تعبيره.
في هذه الأثناء أكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي خلال اللقاء الذي جمع وفد الاتحاد لممثلي صندوق النقد الدولي، أن تونس تمثل تجربة نوعية نجحت في الحوار السياسي واليوم مطالبة بالنجاح اقتصاديا واجتماعيا.
وأكد الطبوبي، وفق بلاغ صحفي للاتحاد، أن الحوار الذي تم أمس الخميس مع صندوق النقد الدولي كان بناءا وإيجابيا وتمت مناقشة كل الملفات بشكل صريح وقدم الاتحاد العام التونسي للشغل أبرز المقترحات والرؤى حول النهوض بالاقتصاد الوطني وتعزيز نسبة النمو والحرص على دفع الإنتاج في فسفاط قفصة والتفاؤل بموسم سياحي واعد.
وفي نفس الوقت أكد وفد الاتحاد العام التونسي للشغل على ضرورة أن يتوجه المانحون الكبار في العالم إلى حث الجميع الاستثمار في المناطق الداخلية والتفكير بأن تونس تجربة يجب أن تنجح رغم الصعوبات التي تمر بها البلاد مما يتطلب خلق الثروة والتشغيل والتنمية.