عماد فؤاد :
سجل التاريخ يوم الأربعاء 24 يوليو 2024 كأحد أيام العار فى تاريخ الكونجرس الأمريكى، بعد استضافته مجرم الحرب «نتنياهو» فى محاولته غسل يديه من دماء عشرات الآلاف من الفلسطينيين بسبب عدوانه الهمجى على غزة المستمر منذ 9 أشهر دون توقف.
رئيسة مجلس النواب الأمريكى السابقة «نانسى بيلوسى»، وصفت خطاب رئيس وزراء العدو الإسرائيلى، بأنه «الأسوأ» مقارنة بأى شخصية أجنبية أخرى، تمت دعوتها ومنحها شرف مخاطبة كونجرس الولايات المتحدة.
وأدان السيناتور الأمريكى «بيرنى ساندرز»، استقبال الكونجرس لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى، لأنه «مجرم حرب» يترأس «حكومة يمينية متطرفة»، وقال أيضاً «هذه هى المرة الأولى فى التاريخ الأمريكى التى يُمنح فيها مجرم حرب هذا الشرف».
وفى الوقت الذى كان فيه مجرم الحرب يلقى خطابه وسط حالة لافتة من التصفيق - والتصفير أحياناً - من النواب الأمريكيين وصل إلى عدد قياسى أحصاه موقع «سكاى نيوز عربية»، بـ(81) مرة خلال الكلمة التى استغرقت نحو (52) دقيقة، بمعدل مرة كل (40) ثانية، وقف آلاف الأمريكيين خارج مبنى «الكابيتول» للمطالبة بوقف الحرب فى غزة، ومنع تزويد إسرائيل بالأسلحة الأمريكية.
المؤكد أن كل هذا التصفيق لم يكن تعبيراً عن الإعجاب بمجرم حرب مطلوب توقيفه دولياً، ولا لأنه كان متحدثاً بارعاً، لكنه رسالة واضحة لإظهار الدعم الأمريكى المطلق لإسرائيل، وأن علاقتها الاستراتيجية بالولايات المتحدة، تتجاوز - فى كل الأحوال - أية خلافات بين قيادات الدولتين، ومن غير المسموح تماماً أن تتأثر هذه العلاقات، أو تخرج أى قرارات أمريكية تؤثر سلباً على الأمن القومى الإسرائيلى.
وهذه الحقيقة (المُرة) أكدها «نتنياهو» فى كلمته، عندما وجّه الشكر للرئيس «بايدن» لدعمه المخلص لإسرائيل لأنه كما وصفه «صهيونى فخور بصهيونيته».
يقول المثل العربى «كاد المريب أن يقول خذونى»، وهو مقتبس من بيت للشاعر ابن سهل الأندلسى، و يُضرب هذا المثل لمرتكب الخطأ الذى يخشى افتضاح أمره، ويدافع عن نفسه بترديد الأكاذيب، وهذا ما فعله «جزار تل أبيب» تماماً، بعد أن تضمنت كلمته عبارات مثل «إن الحرب فى غزة ليست صراع حضارات، بل صراع بين البربرية والحضارة»، و«إنه صراع بين من يمجدون الموت ومن يقدسون الحياة».
هذا المشهد المخزى أكد للعالم أجمع أن الولايات المتحدة الأمريكية، شريك أساسى فى مجزرة غزة، رغم ما تدعيه، وما تحاول ترويجه، بأنها حامية الديمقراطية وحقوق الإنسان فى الكرة الأرضية.
ويؤكد المشهد نفسه للعرب أنه لا أمل فى حصول الفلسطينيين على حقهم المشروع فى الاستقلال، لن يتم عبر وسطاء، والعبرة فى قدرتهم على تماسكهم وقدرتهم على انتزاع هذا الحق، و«ما حكَّ جلدك مثل ظفرك» ومقصد هذا المثل لا يخص الأفراد فقط، لكنه ينطبق على الدول أيضاً.
ولعلنا نبدأ بلم الشمل الفلسطينى بعد المبادرة الصينية بالصلح بين فصائل المقاومة الفلسطينية - خاصة بين «فتح» و«حماس» - ورغم أن هذه هى المرة الثامنة التى يتم فيها توقيع اتفاق للمصالحة، لكننا نأمل ألا يلحقه الفشل، كما حدث فى المرات السبع السابقة.