تصر إثيوبيا على أن تتم أية مفاوضات أو اتفاقات لحل معضلة سد النهضة تحت مظلة الاتحاد الأفريقى.
بعض الدول الأفريقية تبدى رغبة فى التدخل لحلحلة المفاوضات.. عندك مثلاً أوغندا التى تدخلت من أجل تقريب وجهات النظر بين القاهرة وأديس أبابا، وبعدها تم الإعلان عن عقد اتفاقية للتعاون العسكرى بينها وبين القاهرة فى أبريل الماضى.
أحيت أوغندا بالتعاون مع الصين منذ عام 2013 - عقب الشروع فى بناء سد النهضة- مشروع بناء سد كاروما لتوليد الكهرباء، وهو سد عملاق يقام على النيل، وقد أعلن - أوائل عام 2020- عن قرب إتمام عملية بنائه بتكلفة تصل إلى 1.4 مليار دولار.
العديد من دول حوض النيل، مثل أريتريا وأوغندا والكونغو وكينيا وغيرها، تراقب عن كثب مآلات الصراع ما بين إثيوبيا وكل من مصر والسودان، وبناء على النتائج ستحدد موقفها من بناء سدود خاصة بها على مجرى النيل.
فى هذا السياق، يمكننا أن نستوعب الآثار المروعة التى يمكن أن تترتب على مرور إثيوبيا بالملء الثانى للسد (13.5 مليار متر مكعب).
فالأمر لن يتوقف عند التأثيرات الكارثية لسد النهضة، فأديس أبابا لا تخفى نيتها فى بناء سدود جديدة مضافة إلى هذا السد، وقد تحدث سامح شكرى عن مخططات إثيوبية على هذا المستوى أمام مجلس النواب، وثمة دول أخرى من دول حوض النيل قد تأخذ هذا التوجه بحثاً عن مصالحها.
لقد كان من المهم أن نفهم ما ترمى إليه إثيوبيا وهى تصادر على حق كلٍّ من مصر والسودان فى حصص ثابتة من مياه النيل منصوص عليها فى اتفاقيات دولية، لقد تحدث مسئولوها خلال مفاوضات الفرصة الأخيرة فى كينشاسا عن اتفاق جديد لتقسيم مياه النيل، وبمناسبة سعايات المبعوث الأمريكى للقرن الأفريقى تحدثت أديس أبابا عن ضرورة حضور كل دول حوض النيل لأى اتفاقيات خاصة بتقسيم المياه.
كذلك تتحدث إثيوبيا عن نفسها وعن دول غيرها تسقط عليها مليارات الأمتار المكعبة من مياه المطر سنوياً، وهى ليست بحاجة إلى تخزين مياه على وجه الإطلاق، حتى بهدف توليد الطاقة الكهربائية، لأن محطات توليد الكهرباء أصبحت أيسر وأرخص من محطات التوليد الكهرومائية.
إثيوبيا تصر على أن تتواصل المفاوضات -قبل ما يقرب من شهر ونصف من الملء الثانى- تحت مظلة الاتحاد الأفريقى، وترفض الطلب السودانى الذى دعمته مصر برعاية الرباعية الدولية للمفاوضات.
تعلم أديس أبابا أن مرور الوقت فى صالحها حيث لم يتبق إلا أسابيع معدودة قبل الملء الثانى الذى سيحصن السد تماماً، فإذا أضفت إلى ذلك المخططات الإثيوبية لبناء سدود جديدة واتجاه دول أخرى من حوض النيل إلى إنشاء سدود لا هدف من ورائها سوى تخزين المياه فلك أن تتوقع صورة المستقبل إذا مرت إثيوبيا بالملء الثانى.
نحن أمام اختبار عسير لا نملك فى مواجهته سوى النجاح فى إيجاد حل لهذه المعضلة.. لقد جربنا طريق التفاوض -وما زلنا- مع إثيوبيا لمدة تزيد على 7 سنوات.. ماذا ننتظر حتى نقرر السير فى الطريق الآخر؟